الدكتور أحمد عمارة: “السلبية” هي بداية الانطلاق نحو الإيجابية.. ومنشأها الأساسي هو “العقل البشري”

استقبل معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 41، استشاري الصحة النفسية الدكتور أحمد عمارة، وسط حضور كبير بقاعة الاحتفالات، حيث ألقى محاضرة بعنوان “الجانب المشرق للسلبية”، تحدث خلالها عن 4 محاور هي: “من أين تأتي السلبية”، و”الإيجابية السامة.. وكيف يرتكب البعض سلبيات تحت مسمى الوعي”، و”فوائد السلبية وسبب وجودها”، و”كيف تستخدم السلبية لتحقيق أكبر مكاسب في حياتك وتنطلق بقوة أكبر ممن لم يكن لديه سلبيات”.

وقال عمارة، إن الله خلق الكون به ضدان فهناك نظرية تقول: (أ+ ب =ج)، فالرمز (أ) يرمز إلى الأحداث والمواقف التي تحدث في الحياة، و(ب) هي الاستجابة أو رد الفعل تجاه (أ)، بينما (ج) هي النتائج، مشيراً إلى النتائج لا علاقة لها إطلاقاً بالظرف، ولكنها ترتبط بنسبة 99.9% باستجابتنا وتعاطينا مع الظروف.

وأكد أن السلبية هي بداية الانطلاق نحو الإيجابية، فلا يستطيع أحد أن ينطلق نحو الإيجابية إلا بالرجوع للوراء، وهذا هو الجانب الأسمى لوجود “الضد” في الحياة، مشيراً إلى أن السلبية تأتي في الأساس من “العقل البشري”، لأن كل ما في الكون محايد؛ فهو ليس سلبياً أو إيجابياً.

وأضاف: “كلما ترغب في الانطلاق إلى الأمام سترجع إلى الخلف، فالبعض يرى الرجوع للخلف سلبية، لكن البعض الآخر يرى هذا الرجوع إيجابياً في الانطلاق للأمام”.

وتابع: “التطور الطبيعي في الحياة هو اجتماع ضدين، ولكن علينا الحذر من الإفراط في تسمية الأضداد وانتقاء أحدهما على أنه سلبي”، لافتاً إلى أن السلبية أتت من “أدمغتنا الحيوية”، واليوم لو وضعنا في اعتبارنا أن كل ما يحدث في الكون هو الطبيعي فسنبدأ بفهم ما يحدث لنا بمنتهى الهدوء، ضارباً المثل بالسيارة التي لا يمكن أن تتحرك إذا لم تخرج الطاقة السلبية.

ولفت عمارة إلى أن “الإيجابية السامة” من أخطر ما نتعرض له، ومن أعراضها: أولاً: التأنيب وجلد الذات؛ فمن يقوم بجلد ذاته يرفض أن يكون في نفسه سلبيات، والذي يرفض ذلك لن يتقدم في حياته لأن هذه هي طبيعة النفس البشرية التي خلقها الله، وثانياً: التفنن في إخفاء المشاعر والخدع؛ فالذي يمنع الإحساس بالألم يعيش في ألم أكبر منه ويعيش إحساساً صعباً، وثالثاً: الانفعال الشديد والرفض التام حينما يحاول أحد إظهار خطأ لك، ورابعاً: “عدم النظر إلى جوانب النقص؛ فطالما تعاني ألماً أو خوفاً، اعمل على الجذر لأكثر النقاط التي توجعك”، وخامساً: التشبث بالعبارات التوكيدية الإيجابية والمبالغة في إظهار هذه المشاعر على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأشار إلى أن المبالغة في إظهار الجانب الإيجابي يعد شكلاً من أشكال “الإيجابية المسمومة” التي تضر أكثر مما يتخيل الشخص، وبالتالي فالوقوع في هذا النوع من الإيجابية خطأ وأشبه بشخص يريد أن يمشي بقدمٍ واحدة دون أن يقفز، مضيفاً: “حينما ترفض الجانب الضد في الحياة فأنت تخالف سنة الحياة وبالتالي يبدأ وقوع ألم عنيف بالداخل؛ فمقدار ألمك من مقدار الإيجابية المسمومة، لأنك تخالف سنة الحياة”.

وتابع: “بعض الناس لا يتقبلون السلبي إلا حينما يزداد ويستفحل في حياتهم، فهناك أشخاص لديهم أشياء يرفضونها في الحياة ويتعاملون معها بصورة خاطئة وهم يعلمون ذلك، إلا أنهم يبالغون في التظاهر بالإيجابية.. وبالتالي فالإيجابية المسمومة تضر”.

وأوضح عمارة فوائد “السلبية” حيث عددها في 7 نقاط هي: أولاً: تحفيز العزم والعزيمة، فالعزم هو النية في التنمية الذاتية، وحتى تحيا يجب أن تقتل الطاقة السلبية، وأن تنفق حتى تبدأ الطاقة في الانطلاق ويصبح هناك عزم؛ فأول موقف يحدث معك يستنفر فيك العزم والعزيمة، وثانياً: تنظيف الطاقات السلبية؛ فلا يوجد أحد على وجه الأرض لا ينشر طاقة سلبية؛ فالرفض السلبي يولد طاقة سلبية أضعافاً، وثالثاً: إدراك الصورة كاملة وأن تلتفت إلى أبعاد لم تكن منتبهاً لها من قبل، مثل وعيك بخطورة قيادة السيارات في المطر.

وذكر أن الجانب المفيد لما نسميه “سلبي” هو تكوين صورة كاملة عن الأحداث والأشياء؛ فمستحيل أن يحدث سريان في الكون إلا إذا اجتمع ضدان؛ فضربات القلب تنقبض وتنبسط وإذا وقفت إحداهما يموت الشخص، فالأصل في الحياة هو اجتماع الضدين، وأي شخص لديه كمالية وصورة مثلى “للمثالية” فهو مخطئ؛ فكونك ترى أنك مستحيل أن ترتكب خطأً فهذه هي السلبية.

وأشار عمارة إلى أن من إيجابيات السلبية رابعاً: التنبيه لأخطاء قمنا به والسعي لاكتساب مزيد من المعلومات، فحينما نكتشف أخطاءً نعدل ونطور فيها حتى نصل إلى الإيجابية، وخامساً: تعلم الهدوء والاستمتاع بالمتاح ونسف التعجّل الذي يضيع متعة المتاح، وسادساً: تقدير الذات؛ فلا يمكن أن تقدّر الذات إلا بتقبل السلبيات، لافتاً إلى أن البعض يرتدي أقنعة لإظهار أنهم في أفضل صورة، ولكن تقدير الذات يستلزم أن ننظر إليها على أنها تحتوي على ضدين.. وكونك غير مدرك للمقادير فلن تعيش التقدير.

وواصل: “أما سابعاً؛ فسيظل التوازن في الكون إلى الأبد قائماً، وهو نسبة الإيجابيات إلى السلبيات”، وحدد “عمارة” 5 نقاط لاستخدام السلبية في تحقيق مكاسب أكبر وهي: الاعتراف بها وتقبل مشاعرك، وثانياً: ما الذي ستعلمنا إياه السلبية، وثالثاً: ما الذي سأغيره بداخلي.. وما هي أنواع التغيير التي أحتاج أن أميته لأحيي أنواعاً جديدة، ورابعاً: الاستعداد  لتكرار هذا النوع من الأشياء السلبية في حياتك (وهو أساس أي نجاح في الحياة)، وخامساً: الاستمتاع بعدم المعرفة، فليس شرطا أن تكون عالماً بكل شيء.

Leave a Comment