“مؤتمر الناشرين” يستكشف راهن النشر الرقمي في المنطقة العربية وأسواق الكتب المسموعة في العالم

أكد عدد من الخبراء وصناع الكتاب في المنطقة والعالم أن النشر الرقمي وسوق الكتاب المسموع يشهدان حضوراً متزايداً بالتوازي مع كثافة الطلب على المحتوى الإلكتروني والورقي، مشيرين إلى أن ذلك يأتي بالتزامن مع سعي  الناشرين لمواكبة أحدث التقنيات في عالم النشر وتوظيف التكنولوجيا الذكية في المنصات المتخصصة بإنتاج المحتوى الرقمي والمسموع في ظل تنامى جمهوره في سوق الكتاب.

جاء ذلك خلال جلستين نقاشيتين في اليوم الأول من فعاليات الدورة الـ 12 من مؤتمر الناشرين الذي يجمع الناشرين ورواد الصناعات الإبداعية والإنتاج المعرفي ويعقد قبيل انطلاق الدورة 41 من “معرض الشارقة الدولي للكتاب”، في الفترة من 30 أكتوبر حتى 1 نوفمبر بـ”مركز إكسبو الشارقة”.

وشارك في الجلسة الأولى التي حملت عنوان “النشر الرقمي في العالم العربي: كيف يتبنّى الناشرون العرب المشهد الرقمي ومن هم أبرز الفاعلين؟” كلٌ من صلاح شبارو، من موقع نيل وفرات، وعلي عبد المنعم محمد أحمد، مستشار النشر الرقمي في ليبرتي إديكوشن البريطانية، وضحى إسماعيل هلال الرفاعي، من موقع رفوف، وأدارتها إيمان حيلوز، من موقع أبجد.

وأكد علي عبد المنعم محمد أحمد، أن النشر الإلكتروني والصوتي والإقبال على الكتاب الورقي شهد زيادة في إقبال جمهور القراء في المنطقة العربية خلال فترة الجائحة، أدت إلى نمو أعمال العديد من منصات المحتوى، واستعرض أسماء أبرز المؤسسات والشركات الفاعلة عربياً في النشر الرقمي، ولفت إلى أن ثلاث دول عربية هي السعودية ومصر والإمارات تقود نمو سوق النشر الإلكتروني في المنطقة العربية وتستأثر بما نسبته 80% من سوق الكتاب الإلكتروني.

فجوة في سوق النشر الرقمي

وبدوره أشار صلاح شبارو، من موقع نيل وفرات، إلى وجود فجوة كبيرة في مؤشرات سوق النشر الرقمي بين العالم العربي والغرب، وأورد بعض الأرقام التي قارن من خلالها حجم سوق النشر عربياً مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقابل 75 ألف كتاب صوتي تصدر في أمريكا سنوياً 8 آلاف كتاب صوتي فقط هي كل ما تم إنتاجه في العالم العربي إجمالاً، ونوه بجهود دول الخليج العربي في حماية حقوق المؤلف والحد من التأثير السلبي للقرصنة على نمو سوق النشر الرقمي في المنطقة العربية.

وأكدت ضحى إسماعيل هلال الرفاعي، من موقع رفوف، أن انتشار قرصنة الكتب عبر الإنترنت في المنطقة العربية تؤثر بنسبة كبيرة على تطور صناعة النشر الإلكتروني لأن القارئ يبحث عن الطريق الأسهل للوصول إلى الكتاب، مشيرة إلى أن 8 مليون زائر يتابعون مواقع تتيح كتباً إلكترونية مقرصنة، أدت إلى تجنب الناشر العربي إنتاج كتب إلكترونية، في حين أن مضاعفة اهتمام الناشرين بالكتب الإلكترونية يمكن أن يسهم في تضاؤل القرصنة وتحقيق أرباح عالية.

خيارات لحماية المحتوى

وتحدث خالد عبادلة من “آسك زاد” حول توفر عدة خيارات أمام المنصات المهتمة بالنشر الإلكتروني لحماية محتواها، وأوضح أهمية أن يحمي الناشر الإلكتروني إنتاجه من القرصنة عبر استخدام عدة وسائل وإجراءات تقنية، تتيح بعضها طرقاً متنوعة لتشفير الكتب وتحديد من يحق له الوصول إلى المحتوى، من بينها التحكم بصلاحيات الطباعة والتصوير والتحديد المسبق لعدد الأجهزة المسموح لها تصفح المحتوى بموجب شيفرات ورموز تمنح لكل مستخدم.

مستقبل الكتب المسموعة

وجاءت الجلسة الثانية بعنوان “أسواق الكتب المسموعة الناشئة” وشارك فيها كل من أما دادسون، من غانا، وغوفند ديسي، من الهند، وبياتريس لين، من كوريا الجنوبية، وأدارها نايثان هال، من “بيت تكنولوجي”.

وخلال مشاركته أكد الناشر غوفند ديسي من الهند، أن نشر الكتب الصوتية بحاجة إلى تنسيق مسبق واستطلاع لرغبات الجمهور لمعرفة ما هي الكتب المفضلة لديهم، لأن أسوأ ما يحدث للناشر أن يقوم بإنتاج كتاب مسموع بدون دراسته بشكل جيد وبدون أن يجعل من الكتاب المسموع أفضل من الكتاب المقروء، وأوضح أن الكتب القصصية تحظى باهتمام جمهور الكتب المسموعة، لكنها تتطلب عند إنتاجها التركيز على اختيار الصوت المناسب لكل قصة.

وبدورها أشارت بياتريس لين، من كوريا الجنوبية، إلى أن منصة شركتها تعمل مع منصات عالمية أخرى لإنتاج الكتب السمعية، ومنذ 2019 زاد استهلاك الكتب المسموعة في كوريا وخاصة في مجال إنتاج القصص والروايات التي يفضلها الجمهور، موضحة أن 10% من السكان في كوريا الجنوبية يتابعون الكتب المسموعة، لكن الجمهور يميل أكثر إلى الكتب الإلكترونية وما يزال الناشر الكوري الجنوبي يشق طريقه لتشجيع الجمهور على استهلاك الكتب المسموعة، لافتة إلى أن ما يساعد الناشرين على التوسع في سوق الكتب المسموعة الكورية، هو أن الجمهور الكوري يتحدث لغة واحدة.

أسلوب درامي

وتحدثت الناشرة الغينية أما دادسون حول أهمية تدريب رواة الكتب المسموعة على تحسين طريقتهم في السرد وقراءة الكتب القصصية بأسلوب درامي يتناسب مع أحداث القصة، وأوضحت أن علاقتها بالكتب المسموعة بدأت بهدف توفيرها للأشخاص الذين يعانون من إعاقات بصرية، وأشارت إلى تأثير انتشار الهواتف الذكية في توفير فرص كبيرة لنشر الكتب المسموعة، موضحة أن اهتمام الجمهور في غينيا بالراديو ألهمها بإطلاق منصة عبر إحدى شركات الاتصالات لتوفير الكتب مسموعة، لمواصلة استثمار انتشار الهواتف الذكية بين أيدي الناس.

منحة الترجمة

وشهد اليوم الافتتاحي جلسة تعريفية قدمتها مريم آل علي من هيئة الشارقة للكتاب، عرضت خلالها شرحاً حول كيفية التقديم على منحة الترجمة التي يقدمها “معرض الشارقة الدولي للكتاب” سنوياً، وتبلغ قيمتها 300 ألف دولار، تُمنح حصرياً لمن يتقدمون لها من المشاركين في مؤتمر الناشرين خلال فعاليات معرض الشارقة للكتاب.

كما شهدت فعاليات اليوم الأول لقاءات تفاعلية بين الناشرين خارج الجلسات النقاشية، أتاحت للمتخصصين مناقشة عقود بيع وشراء حقوق نشر وترجمة، وتبادل الخبرات حول أحدث تقنيات النشر والاستفادة من الآليات التكنولوجية في ابتكار أشكال جديدة لتسويق الكتاب.

ويواصل مؤتمر الناشرين فعالياته في اليوم الثاني بجلسات حوارية جديدة تتناول راهن سوق النشر في بلدان شمال أفريقيا، والأشكال الجديدة من ترخيص المحتوى، وكيفية استفادة الناشرين من نمو سوق القصص المصورة عالمياً. ويُشار إلى أن مؤتمر الناشرين يمثّل منصة لشراء وبيع الحقوق والتوقيع على عقود النشر وتشجيع مبادرات الترجمة بين مختلف اللغات، واغتنام فرصة للقاء الناشرين من مختلف أنحاء العالم للتواصل والتعارف وتبادل الخبرات والآراء والعمل على مدى ثلاثة أيام من المؤتمر على دراسة الحلول التي تضمن تطوير واستدامة صناعة النشر

Leave a Comment