أكاديميون خلال “الشارقة الدولي للكتاب”: خطأ واحد يحوّل المترجم من عابر بالثقافات إلى مسؤول عن

بمشاركة الحائز على جائزة الشارقة للترجمة د. آرتورو موناكو، نظم “معرض الشارقة الدولي للكتاب 2022” ندوة ثقافية متخصصة بعنوان “موقع المترجم بين الاختفاء والتجلي”، جمعت نخبة من المترجمين والأكاديميين، وركزت على الوضع الراهن للترجمة وحق المترجم في خرق ميثاق الاختفاء في مقابل التزامه الأمين بالنص الأصلي خلال نقله للأدب المحلي بكافة أدواته ورسائله.

وتوجّه د. موناكو بالشكر لـِ”هيئة الشارقة للكتاب” على منحه هذه الجائزة المرموقة عن ترجمته مقدمة إلياذة هوميروس التي كتبها سليمان البستاني، وقال: “إن مثل هذه الجائزة تلفت الانتباه إلى أهمية عمل البستاني الذي أعدّه قدوتي في مسألة التخفي من عدمها، إذ يعتمد الأمر برأيه على نوعية النص المترجم، إن كان نقدياً أم شعرياً مثلاً”.

وقالت أستاذة الأدب المعاصر والناقدة والباحثة المصرية سامية محرز إن اسم الجلسة جاء تيمناً بكتاب “اختفاء المترجم” للكاتب والمؤرخ والمترجم الأمريكي لورنس فينوسي، مشيرةً إلى أن المترجم ليس مجرد آلة تنقل الكلمات من ثقافة إلى أخرى، بل جسر تلتقي عنده الثقافات، وإنه لا يمكن حسم الأمر بشأن الأسلوب الأمثل  الذي يجب أن يختاره المترجم بين التجلي والتخفي لما لكل منهما من أبعاد سلبية وإيجابية.

وأضافت: “إن خيارات المترجم تعبّر عن الموقف الذي يأخذه من ثقافته الأصل والثقافة المضيفة، ولذا ينطوي دور المترجم على خطورة ومسؤولية كبيرين، لأنه قد يتحول بخطأ واحد من عابر بالثقافة وشريك الكاتب إلى مسؤول عن ضياع هويتها”.

ومن جانبها، أكدت المترجمة والناقدة إيزابيلا كاميرا دافليتو، أن المترجم يحتاج للبقاء خارج النص إلى التواصل مع كاتب النص الأصلي، إذا كان ذلك ممكناً، بينما تفرض عليه بعض النصوص الأدبية التي تحتوي على صور بلاغية أن يتجلى في النص لخلق نوع من الموسيقى وعكس الحس اللغوي والأدبي للكاتب نفسه، لأن المترجم لن يعطي أفضل ما عنده إلا إذا لم يكن عليه التقيد بمسألة الاختفاء.

وفي حديثه، شدد المترجم والأستاذ الجامعي الإسباني لويس ميغيل على أن تاريخ الترجمة هو قصة سقوط من العلوي إلى السفلي ومن البطل الخرافي إلى الشخص العادي، وقال: “إنه بسبب المطالبة بالشفافية والطلاقة في الترجمة، انتهى الأمر إلى إخفاء المترجم، ولذا سيكون من العدل أن يعتاد الناس البحث عن اسم المترجم على أغلفة الكتب ومنحه التقدير الاجتماعي والفكري الذي يستحقه من دور النشر”.

وحول دور المترجم في نقل كل العناصر الخاصة بثقافة محلية من تعابير وإشارات ودلالات وأمثلة شعبية، قال الأكاديمي والناقد اللبناني صبحي بستاني: “إن ترجمة مثل هذه العناصر الخاصة يعد أمراً ضرورياً حتى وإن كانت لا تحمل مقابل لها في اللغة الهدف لأن ترجمتها تحمل شحنة ثقافية تعبّر عن نمط حياة شعب وتعرّف بالآخر، وفي معظم هذه الترجمات، لا يمكن للمترجم أن يختفي حرصاً منه على تعريف قارئ ترجمته بالثقافة الأصل التي ينقل عنها، وذلك بما تشتمل عليه من بيئة الاجتماعية وعناصر ثقافية محيطة”.

Leave a Comment